في الصيف، نحرص على مشاركة أوقات مبهجة مع العائلة الصغيرة والكبيرة ومع الأصدقاء . تتعزز هذه البهجة بعودة الأبناء أو بعض الأفراد من الخارج، محملين بالهدايا والابتسامات والقصص. حتى الأعراس والمناسبات الكبرى تتركز في هذا الفصل . كم هي جميلة تلك اللحظات، حيث العائلة مجتمعة حول مائدة عامرة بالضحك، أطفال يلعبون على الشاطئ، أصدقاء يتشاركون وجبة غروب الشمس. هذه اللوحات هي جوهر بهجة الصيف.
لكن لماذا نشعر بذلك الفراغ العميق، ذلك الصمت الثقيل الذي يخيم على البيت بعد أن كان يعج بالحياة؟ الجواب يكمن في سر من أسرار النفس البشرية: حاجتنا إلى اللّمة و اللحظات المشتركة.
1. اللّمة: سحر اللحظة المشتركة 
في المنتجعات السياحية أو في السفريات الجماعية المنظمة من وكالات الأسفار مثلا. ىلاحظ كيف يتشارك الناس الطعام والضحكات بسهولة، وكأنهم أصدقاء قدامى، رغم أنهم تقابلوا للتو. بينما في مصاعد العمارات السكنية، نادرًا ما يتبادل الجيران – الذين قد يجمعهم سكنى سنوات – تحيةً حارة.
ذلك يرجع الى سحراللحظة المشتركة. تلك المساحة من الوقت والمكان والاهتمام المشترك تذيب الجليد فورًا. حيث يشعر الإنسان بأنه متاح، متعاون، والأهم من ذلك، ذو قيمة وحضور معترف به من قبل المجموعة. إنه يرى انعكاس سعادته في عيون الآخرين. هذا الاعتراف والتقاسم هو أعمق احتياج نفسي لدينا، والصيف يوفر لنا جرعة مركزة منه. حيث لا نستهلك سلعًا مادية فحسب، بل نستهلك وقتًا مشتركًا و وجودًا و نعيش حالة نادرة من الوفرة العاطفية المتبادلة من بعد شتاء الانشغال والانعزال.
2. عندما يُغلق باب الضيافة
فجأة، ومع تقويم سبتمبر، يُسحب البساط من تحت أقدامنا. يسافر الأحباء، يعود كلٌ إلى مدينته، تغلق أبواب البيوت، وتتحول صالات الضيافة إلى غرف معزولة. هنا نعاني من ما يسميه علماء النفس « قلق الانفصال » و « الحنين إلى الماضي ».
تشيرالأبحاث في علم النفس إلى أن قوة الروابط الاجتماعية المباشرة هي أحد أكبر المؤشرات على السعادة على المدى الطويل، أكثر من الدخل أو الوضع الاجتماعي. عندما تُقطع هذه الروابط فجأة، يعود الإنسان إلى حالة « النقص العاطفي ». نحن لا نفتقد الأشخاص فقط، بل نفتقد النسخة السعيدة من أنفسنا التي لا تظهر إلا بحضورهم. نسخة كانت مرحة، خفيفة الظل، وممتلئة بالحياة.
والأمثلة في حياتنا كثيرة :
-
ذلك البيت الكبير الذي كان مليئًا بأصوات الأولاد والأحفاد، يصبح فجأة هادئًا، والأم تنظر إلى الصور على هاتفها، وهي تكافح دمعتها.
- الشخص الذي عاد من بلاد الغربة، وجد نفسه فجأة وحيدًا مرة أخرى في شقته، حيث ذكريات اللقاءات العائلية السعيدة تؤلمه أكثر مما تسعده.
هذه المشاعر التي يعيشها البعض هي عبارة عن « حداد مصغر » على علاقة انتهت مؤقتًا، يجعل العودة إلى العمل والمدرسة أكثر صعوبة وإيلامًا.
3. كيف نحول اللّمة المؤقتة إلى دفء دائم؟
الصيف لا يدوم، فهذا مستحيل. لكن ما الذي يمنعنا أن ندخل مفهوم اللّمة في حياتنا ليكون جزءًا من نسيجنا اليومي، وليس حدثًا استثنائيًا؟ كأن نبتكرحلولا تشكل حبل نجاة عاطفي :
-
بدلاً من انتظار مناسبة كبيرة تجمع 30 شخصًا، يمكن تنظيم لقاءات صغيرة أسبوعية أو شهرية. جودة اللقاء أهم من كميته.
-
خلق طقوس صغيرة كمكالمة فيديو أسبوعية مع العائلة في الخارج، أو « موعد ثابت » للمشي مع صديق مقرب كل يوم خميس
-
أن نكون نحن مصدر الدفء: بدلاً من انتظار قدوم الآخرين إلينا، يمكننا أخذ المبادرة بالزيارة أو الدعوة.
من كل ما سبق نعترف أن اللّمة المؤقتة هي جدار يحبس البهجة في المناسبات أو المواسم كما يحصل لنا في موسم الصيف. إنه جدار مؤلم لأنه مبني على حبنا لبعضنا البعض. لكنه يسهل تحطيمه بأدخال اللحظات المشتركة في حياتنا طيلة السنة فنكون نحن شمس اللّمة التي تدفئ الآخرين على مدار الفصول.
السؤال المطروح الأن هو هل يكفي أن نجتمع مع من نحب لتكتمل سعادتنا؟ ما الذي يمنعنا من فعل هذا طوال العام إذا كان الأمر بهذه البساطة؟ هذا ما 🙄🙄سنناقشه في المرة القادمة. استعدوا لاكتشاف جدران أخرى.
« والآن دورك: أخبرني في التعليقات – ما اللحظة المشتركة في هذا الصيف التي تفتقدها أكثر من غيرها؟ وما الخطوة التي ستتخذها هذا الأسبوع لتعيد شيئاً من ذلك الدفء إلى حياتك؟ شاركني تجربتك لنلهم بعضنا البعض ☀ »
مارية ودغيري
كوتش و مدربة تنمية ذاتية
باحثة في فلسفة السعادة
مهندسة دولة و ماجستير في ادارة الأعمال
مؤسسة مركز اليمامة للتطور
212654123023
contact@alyamamafordevelopment.com
#قلق_الانفصال #الحنين_للماضي #التواصل_العاطفي
#جودة_العلاقات #الدعم_النفسي
#سعادة_الصيف #اللمة_العائلية #العلاقات_الاجتماعية #السعادة_الداخلية #تطوير_الذات #علم_النفس #الكوتشين #الروابط_الإنسانية
#SummerHappiness #FamilyTime #PersonalGrowth
#Coaching #Psychology #SocialConnections #Mindfulness