ما بين النجاح والسعادة: رحلة تدبر فلسفة الحياة

bonheur joie hapiness السعادة

في عالمنا المعاصر، تتسابق الأنظار نحو النجاح المادي والشهرة، ويتخيل أن الطريق إلى السعادة الحقيقية أصبح معبداً مليئاً بالإنجازات التي تقاس بالمال، المكانة الاجتماعية، أو السلطة. حيث إننا نسمع عن « النجاح » في كل زاوية؛ بدءا من النجاح في الدراسة، العمل، العلاقات، إلى النجاح في كسب المال وتحقيق الذات. لكن في خضم هذا السعي المستمر وراء الإنجاز، يظل السؤال الأساسي: هل يمكن لهذه الإنجازات والنجاحات منحنا السعادة و الرضا الداخلي الذي نبحث عنه؟ وهل يمكن أن نصل إلى السعادة عبر سعي لا نهاية له وراء النجاح؟ هنا يأتي دور الفهم العميق الذي يمكن أن يغير منظورنا  الحقيقية في الحياة وهذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال تدبرمعنى السعادة.

ماهو النجاح؟

بداية دعونا نبحر لاستكشاف مفهوم النجاح الذي تدور حوله أكبر التطلعات.

فالنجاح، في أبسط تعريفاته، هو الوصول إلى هدف محدد أو تحقيق إنجاز مادي أو اجتماعي يعترف به الآخرون. مما يجعله مجرد انعكاس لمعايير اجتماعية وضغوطات ثقافية تربط بينه وبين السعادة. ففي مجتمعاتنا، ومنذ سن مبكرة، تبدأ تربية اللأطفال على السعي وراء النجاح في كل جانب من جوانب الحياة, وذلك لتحقيق السعادة و الفخر من العاءلة. حيث يبدأ تحفيزهم على الحصول على درجات عالية في الدراسة كشرط للنجاح. دون الأخذ بعين الاعتبار مجال ذكاءهم وميولهم الفطري و قدراتهم في التعلم و التلقي و هي الظروف التي تحقق متعة الدراسة و بذلك السعادة و الرضى.

ثم عندما يكبرون، يتغيرهذا التحفيز نحو النجاح في العمل والربح المادي، ويتحول الطموح إلى الحاجة إلى شريك حياة، بناء أسرة، وتحقيق مكانة اجتماعية مرموقة. هذه الطموحات يمكن أن تؤدي إلى سلسلة لا تنتهي من المساعي لتحقيق النجاح المادي والتقدير الاجتماعي، دون التأكد من موافقتها لطموحات الشخص الداخلية وقدراته الطبيعية. وما يثير الاهتمام هنا هو أن الكثير من « الناجحين » في نظر المجتمع لا يتمتعون بالسعادة الحقيقية، بل يعيشون في دوامة من التوتر والضغوطات.

ضغوط قلق تعاسة stress pression désordre

ما الفرق بين النجاح والسعادة؟

 يقول الفيلسوف ألبرت شفايتزر: « النجاح ليس مفتاح السعادة، لكن السعادة هي مفتاح النجاح »، وهو ما يعكس التفاوت الجوهري بين مفهوم النجاح والسعادة. فقد نحقق كل ما نطمح إليه في حياتنا ونحصل على الاعتراف الذي نبحث عنه، ومع ذلك نجد أنفسنا غارقين في الضغوطات والمشاعر السلبية. في المقابل، قد نجد أشخاصاً لا يملكون الكثير من الإنجازات المادية ولا يحظون بالمكانة الاجتماعية التي يراها البعض ضرورية لتحقيق السعادة، ومع ذلك يعيشون حياة مليئة بالسلام الداخلي والرضا عن حياتهم. هؤلاء قد لا يكونون قد حققوا النجاح المادي الخارجي، لكنهم قادرون على الاستمتاع  بالحياة بكل تفاصيلها البسيطة، ويعيشون بتوازن داخلي يفتقر إليه الكثير من الذين يلهثون وراء الطموحات غير المنتهية.

هذا المعنى بالضبط ما تؤكده تعاليم الأسلام حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : « لَيس الغِنَى عَن كثْرَةِ العَرَضِ، وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ » (متفق عليه). حيث يشير هذا الحديث إلى أن الغنى الحقيقي ليس في كثرة الممتلكات أو المكتسبات الخارجية الملموسة و العرضية أي المؤقتة و المتلاشية مع الوقت، بل في غنى النفس، أي القناعة والرضا الداخلي. وفي هذا التصور نجد سراً من أسرار السعادة الحقيقية؛ إنها تكمن في الحالة النفسية الداخلية للإنسان، في فهمه لمفاهيم الرضا والتصالح مع الذات.

 ما هي السعادة الحقيقية؟

paix intérieur peace السلام الداخلي

أنه من الأهمية بمكان أن ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في القدرة على العيش بتوازن، في الفهم العميق للذات، وفي الشعور بالسلام الداخلي. مما يجعلها غير بعيدة المنال، بل هي حالة ذهنية وشعورية يمكننا اختيارها يومياً عبر اتخاذ قرارات قائمة على القناعة الداخلية والامتنان لما نملكه. كذلك باتخاذ خطوات محافظة على توازننا الداخلي ورضانا عن أنفسنا. حيث يصبح الطموح الحقيقي ليس فقط بالنجاح المادي بل في تحقيق حالة من التناغم بين ما نريد وما نملك، وبين طموحاتنا وقناعاتنا…وذلك مع القدرة على الاستمتاع بالنعم وتقدير الإنجازات مهما كانت بسيطة.

في النهاية، وعلى الرغم من أهمية النجاح في بعض جوانب حياتنا، من طلب العلم والعمل لتحقيق الاكتفاء والاستقلالية المادية وكذلك تكوين أسرة سليمة ومتماسكة، إلا أن السعي وراء النجاح لا يحقق بالضرورة السعادة الداخلية و الرضى. حيث يجب ألا يكون نابعا من مقارنات وضغوطات اجتماعية. ولا يكون مقرونا برفع سقف التطلعات و الطموحات على حساب ما يناسب  قدرات الأنسان وسلامته النفسية أو قيمه الداخلية. هذا المفهوم الحقيقي للسعادة يصبح من الضروري نقله لأبناءنا ونشره بين  محيطنا لينعم الجميع بالسعادة وحياة الطمأنينة.

 . أتمنى لكم الوصول الى السعادة الحقيقية

اعتنِ بنفسك، وتقدم نحو الحياة التي تستحقها ✨

مارية ودغيري

مرافقة ذاتية و مدربة معتمدة

مهندسة دولة -ماجستر في ادارة الأعمال

الهاتف: 654123023 (212)

أميل :contact@alyamamafordevelopment.com

احجز حصة مجانية لمدة 30 دقيقة بملأ الستمارة التالية

https://alyamamafordevelopment.com/ar/nous-consulter/

 

المرافقة_الذاتية العلاج التطوير_الشخصي الرفاهية الوظيفة الصحة_النفسية القيادة التحول النمو_الشخصي المرافقة_الحياتية

coach coaching lifecoaching personaldevelopment therapy thérapie deveoppementpersonnel confianceensoi changement positifthinking

2 Commentaires sur “ما بين النجاح والسعادة: رحلة تدبر فلسفة الحياة

  1. امين dit :

    السلام عليكم ماريا
    مقال جميل و مفيد رغم وجازته
    الحمد لله الذي نرجع إليه في كل نفس و الذي بعث رسله
    لهدايتنا لدفع كل لُبْس
    مقالك ذكرني بالحديث القدسي الذي جاء فيه الحديث على تسليط الدنيا و الركض فيها ركض الوحش في البرية
    الرضا فعلا سبيل للسلام الداخلي
    جميل أن ترافقي الناس لتقويم الفهم و إدراك النعمة في ما قد يصيب المرء من هم
    اسأل الله لك التوفيق الدائم. سأشارك رابطك بعض المعارف

    • Oudrhiri Maria dit :

      و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أمين
      الحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات. يشرفني أن أعجبك المقال. أتمنى أن يفيد الناس, و يساهم في رفع الوعي بضرورة موازنة الطموحات بما يناسب السلام و الرضى الداخلي حتى يعيش المرء في انسجام و تناغم.
      🤲أضافتك مهمة تؤكد المعنى بارك الله فيك, شكرا على اهتمامك و على كرمك. أسال الله لك كل الخير و السعادة الحقيقية.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *